The Girl From Egypt

أصحاب كُلشِنكان! القِصة الأولى: مادموزيل حواجب

لما نقلت نيويورك، ماكنش عندي فيها أصحاب ولا حتى معارف. ماكنتِش اعرف حد فيها خالص غير جوزي.  

وصلت نيويورك و أنا مشاعري متلخبطة ما بين ألم فراق أهلي اللي عيشت معاهم طول عُمري و ما بين فرحتي إن حاكون مع الشخص اللي بحبه..جوزي. شعور غريب فعلاً إن الواحد يحس بالألم و السعادة في نفس الوقت. شعور  يخلي الواحد يحس إنه مجنون. الواحد متعود يا يزعَل، يا يفرح،  لكن يزعل و يفرح مع بعض، في نفس الوقت؟! ما تمناش الشعور دا لأي حد.

الأيام الأولى بعد وصولي جريت بسرعة، ما بين سفرنا للHoneymoon و وراه جه الـThanksgiving (عيد الشكر) و دي أجازة ٤ تيام بيتجمع فيها الناس مع الاهل و الأصحاب. و الـ Thanksgiving Parade اللي محل Macy’s بيعمله كُل سنه دا غير الـ Black Friday اللي نص أمريكا إن لم يكن كُل أمريكا بتموِّت – literally بتموِّت ـ بعضها فعلاً عشان تشتري حاجات بربع التمن في اليوم (الإسود) ده.

و يا دوب شهر ديسمبربيبتدي و يبدأ الـatmosphere الجميل في البلد، المحلات المِتزوقة بزينة الكريسماس، الأنوار، أغاني الكريسماس في الشوارع و المحلات. شجرة الكريسماس العملاقة في Rockefeller Center اللي وراها قصة جميلة لصاحب الشجرة اللي زرعها في جنينة بيته او أرضه. الـ shopping (تاني في أقل من شهر) للكريسماس. حالة البهجة اللي تحسها و إنت ماشي في اي حته. مِن أجمل الفترات في السنة اللي ممكن تقضيها في نيويورك.

وِصلت انا على كُل ده. و إنشغلت بالأجازات و الجو العام في البلد و عزومات أهل جوزي و أصحابهُم على الغدا و العشا. كإن أمريكا بترحب بيا!

و جت راس السنة و فجأة، حسيت إن الحياة وقفت..

الأجازات خِلصت..

الزينة و الأنوار إتشالوا..

الأغاني اللي في الشارع بطلت..

الـshopping توقف..

جوزي رجع الشغل..

الدنيا برَّدِت و غيمت اكتر و الشوارع بئت مهجورة و ساكتة من الساعة ٧ بالليل تقريباً.

هسسسسس…

هدوء قاتل..

مِش لاقية ولا حتى بوبي اكلمه..او حتى يهوهو في وشي!

إفتكرت ساعتها اللي ماما قالتلهولي قبل ما سافر

“اول ما توصلي، حتلاقي نفسك مشغولة و مِش ملاحقه من الأحداث و الأجازات اللي ورا بعض. و بعد ما كل ده يخلص، حاتبتدي الحياة الجديدة، الحياة الحقيقية..”

بصحى بدري الصبح مع جوزي، هوا يروح الشغل و انا اقعد في البيت، مِش قادرة اخرج من البرد. حاولت كذا مرة لكن كنت برجع تعبانة و بردانة و مصدّعة. إيه المتعة في إني امشي في الشارع و الهوا الساقع بيخبطني في وشي؟ و نيويورك كلها عبارة مشي و ركوب مترو Subway. فكرة العربية و الركنة صعبة جداً.. جداً.

كُل الأيام بقت شبه بعضها وبقيت زهقانة. و الغيوم اللي في الجو مخليني حاسه إن الدنيا ضلمة من ساعت ما بصحى لحد ما بنام. وعشان بصحي بدري فاليوم طوييييل و مُمل. انا مِش من الناس اللي بتعرف تقوم من النوم متأخر..تركيبتي بتاعت البدري. يوم ما بصحى ٩ الصبح بحِس إن فاتني كتير و لو حصل و قومت الساعة ١٠، يبئا اليوم ضاع مني!!

كان يومي في مصر زحمة جداً ما بين الشغل و الرياضة و الكورسات courses و مقابلة الاصحاب؛ أصحاب الشغل، أصحاب النادي، أصحاب الكلية، أصحاب المدرسة، أصحاب عرفتهم من أصحاب. فجأة..كُل دا إختفى..فجأة بئيت لوحدي، في شقة صغيرة و التلج نازل بره. في بلد معرفش فيها حد. أميااااال بعيد عن كُل اللي أعرفهم، بعيد عن حياتي الزحمة، المليانة بالأحداث.

و من الملل و الزهق، قررت اتفرج علي التليفزيون.

في مصر، التليفزيون دا نادراً ما كنت بتفرج عليه. كنت بفتحه بس عشان انام عليه بالليل. فامعنديش فكره عن أسماء المسلسلات او الأفلام او البرامج حتى، إلا المشهور منهم اوي.

شدني مسلسل أمريكاني إسمه ‘Sex And The City’، عن أربع أصحاب ستات و حياتهم في نيويورك. بئيت اتفرج عليه كُل يوم. و رغم إني مابصدقش كُل حاجة الأفلام و المسلسلات بتقولها و توريها بس لقيت نفسي بتعلِم كتير عن نيويورك.

مِن كتر الوحدة، بئوا الأربع ستات اللي في المسلسل دول هما أصحابي!

شوفتُم الغُلب..

شغلت نفسي بحاجات كتير زي التقديم علي شغل و توضيب حاجاتي بطريقة أحسن في البيت و إني اجرب وصفات أكل جديدة في جوزي

“دوق”

“جمييييلة”

“مِش بتقولها مِن قلبك”

“لأ حلوة..حلوة”

“كانت جميلة من شوية، بيئت حلوة، امال لو سألتك مرة كمان حاتقول إيه؟”

فراغ بئا بعيد عنكم..

جوزي كان كتير بيرجع من الشغل عايز يخرج شوية مع أصحابه. أصحاب إتعرف عليهم من سنة او إتنين، مصريين على عرب، عشان يعملّي community تشبه اللي انا كنت عايشه فيها في مصر و منها نتكلم عربي شوية. و من هنا، إبتديت اتعرف على بعض الشخصيات، اللي هاجروا او إتولدوا و إتربوا في أمريكا.

الواحد لما بيخرج مع ناس جديدة، من الطبيعي يكون لطيف و حبوب و مبتسم. و يا سلام لو الناس دي بتتكلم عربي. الواحد يحِس إنه اكنه في بلده و بيكلبش فيهم بإيديه و سنانه. قُلت بدل ما افضل مصاحبه شخصيات المسلسل الوهمية و اتجنن، اهو..ناس حقيقية اهي..!

قد كده انا كنت وحيدة . ساعتها كنت بآوح و اقول، انا كويسه بس الحقيقة إن انا كنت حاطق من الوحدة و البرد و الجو الضلمة طول النهار و الليل و إني مِش لاقية حد اتكلم معاه.

لو بكلم الـCustomer Service بتاع مكان و الـ Representative طوّل معايا في الكلام شوية و سألني مثلاً ?How is your day كنت بقعد في حالة فرحة و إنتعاش لمدة عشر دقايق بعد المكالمة!! غُلب غُلب يعني.

انا كنت مستعدة اصحاب النملة اللي في الشارع  و دي كانت الغلطة الأولى اللي عملتها في أمريكا؛ إني اصاحب اي حد!

و بدأت اخرج كُل كام يوم  مع جوزي (لما بقدر اجمع قوايا و البس ميتين طبقة من اللبس و انزل في البرد القارس)..حاجة مِش sexy خالص! يا حرام جوزي كان مِش بيلاقيني مِن كتر الـlayers اللي لابساها و كتير ماكُنِتش بسمعه و هوا بيتكلم عشان وداني مدفونه تحت تلت طبقات صوف. شوية شوية كنت قربت البس لبسي على البيجاما Pyjama..بردانه، مِش قادرة اقلع عشان البس!

المهم، بدأت اتعرف على ناس جديدة، و من هنا بدأت اخد “خوازيق” في حياتي (Excuse my language) بس مِش لاقيه تعبير اظرف من كده يُعبر عن كم الصدمات اللي خدتها 

إخترت مجموعة من الشخصيات حاحكيلكم عنهم على مراحل. النهاردة حاحكيلكُم عن شخصية مافيش منها كتير بصراحة و الباقي نخليه لقاعدة تانية. صحتكم مِش حاتستحمِل تقروا عنهم كُلهم مرة واحدة. و طبعاً أحب أعتذر مقدماً عن هيافة بعض الأحداث و القصص و إذا خرجت عن مشاعري أحياناً – اللي هوا كتير..والله مِش بإيدي!

مادوموزيل حواجب : ريما

اتعرفت عليها من خلال جوزي اللي إتعرف عليها من أصحاب مُشتركين. إتولدت و إتربت في أمريكا بس بتتكلم عربي زي اللهلوبة.و في اول معرفتي بيها و في مكالمة عابرة لقيتها بتشتكي..ايوا قريتوها صح، بتشتكي، من جوزي و إنه إزاي كان stressed إنه يخلّص شقتنا قبل ما اوصل. “مِش مستهلة اللي هوا فيه ده يعني”

لو نيتها كويسة و قلبها عليه و مش عايزاه يبئا مشدود، كانت قالتله كلمتين يريحوه مِش تشتكيلي منه. و عشان اي واحدة طبيعية ممكن ترد عليها و تقولها وانت مال أمــ..قصدي و إنتي مالِك؟ لكن رديت بهدوئي المعهود إنه أكيد كان عايزني اوصل على شقة مريحة عشان بعد ما أوصل،  حايكون مشغول في شغله و مِش فاضي ينزل معايا نشتري حاجات للبيت.

المهم، بئيت اشوفها في الخروجات ومع الوقت لاحظت إنها من النوع القمَاص بسرعة. نوع ردئ، البُعد عنه في مزايا كتير. كنا لما نتفق مع أصحابنا علي خروجه، و ابعتلها message اقولها على الخروجة، تكلمني تسألني مين اللي جاي و ليه إخترنا المكان ده؟ بعديها تقرر إذا كانت حاتيجي ولا لأ. كُل مرة تسألني!! هما هما نفس الناس اللي بنخرج معاهم، بيزيدوا او ينقصوا كام واحد. علي فكرة، دول اصحابك قبل ما يكونوا أصحابي. ماتكلميهم إنتي! لكن بنية صافية و هدوء شديد و صبر ربنا نزله عليا، معرفش منين،  كنت بأرُد بلطافة و ظرافة على طول.

ريما بنت طيبة (ولاوني احياناً باشُك في كده) لكن بتاعت دراما. و أنا مِش متعودة علي الدراما و ماكنتِش فاضية للدراما في مصر! بس سياسة إني ماركزش، زي ما الرجالة (العاقلين) ما بيعملوا، كانت سياسة ناجحة. و سياسية إن دايماً افترض النية الكويسة قبل الوحشة كانت مريحالي اعصابي.

بعد ما وصلت بكام شهر، إضطريت اعمل عملية الرباط الصليبي و الغضروف في ركبتي. عملية كبيرة بالنسبالي (وبتهيألي بالنسبة لأي حد) و يشاء القدر إن تاني يوم العملية يكون عيد ميلادها. طبعاً كان إستحالة اروح و إعتذرت من قبليها.

حوالي تلت شهور عدوا بعد العملية، كنت يادوب بمشي بـbrace حوالين رجلي بالتصوير البطئ. الـrecovery بتاعتي طولِت حبتين. خرجت معاها (مِش فاكره ليه!) و مع اصحاب تانين و كنت جايبلها هدية صغيرة لعيد ميلادها (اللي فاتني). و لقيتها مِش طايقاني. مالك يا بنتي؟

“إنتي غريبة..ماجتيش عيد ميلادي و أنا اللي بسأل عنك..كده ماينفعش”

انا اصلاً مِش قادرة اتحرك كام متر عشان اروح اعمل بي بييpee pee، حاروحلها العيد ميلاد؟!! (معلش خرجت عن شعوري).

 

“عيد ميلادك اللي كان تاني يوم العملية بتاعتي؟..اكيد طبعاً ماينفعش اروحه، دانا ليسه بامشي بالعافيه لحد دلوفتي!!”

واضح إن الموضوع مِش موضوع عيد ميلاد بس. دي شايلة مني اوي. دانا ماشوفتهاش من كذا شهر امال لو كنا بنتقابل كتير كان حصل إيه؟!

 و في الفترة دي اختي قررت تيجي تزورني بعد إمتحانات اخر السنة بتاعت كُليتها. كانت حاتخلص الإمتحان و تسافر تاني يوم علي طول. وعِرفِت ريما إن اختي جايه، فطلبت مني حاجة من مصر. حاجة عجيبة مِن مكان غريب؛ زيت العصفورة لما بيجلها الطلق (انا بتّريأ طبعاً) بس هيا حاجة كده ماسمعتش عنها قبل كده رغم المفروض إن انا اللي متربية في مصر و هيا الخواجاية. ! Apparently not

كُل سنة تقريباً بعمِل حفلة عندي في البيت للبنات عبارة عن Galabeya Party حيث ترتدي كل فتاة الجلابية اللي نفسها فيها بداية من الجلابية بتاعِت الفلكلور المصري وصولاً إلى جلابية نانسي عجرم. و اول ساعة في الحفلة درس رقص بلدي للخواجات وبعديه بنديها رقص و نُفرغ الطاقات السلبية عندنا مع وجبة بيتزا و بعض المرطبات و اكيد طبعاً موسيقى عالية و إلا مانبقاش مصريين مستفزيين. و عشان ماحِدش يبلغ البوليس عليا، كنت باعزم ستات العمارة كُلها 

و عشان ميعاد الحفلة قرّب فطلبت مني ريما اقول لأختي تجيبلها جلابية ولا إتنين كمان.

كلمت أختي (زي العبيطة) و قلتها معلش إنزلي هاتلها اللي هيا عايزاه يوم ماتخلصي آخر إمتحان (اللي هوا اليوم اللي قبل السفر). ساعنها كنت بعتبرها طِيبة مني، إنما دلوقتي إكتشفت إنه هطل مني..يلا!

ووصلت أختى و خلال زيارتها، إتعزمنا كُلنا على عيد ميلاد واحد من أصحبنا و اللي كانت ريما معزومة فيه بردو. حضّرت حاجِتها و حطتهم عند باب الشقة  عشان اخدهُم معايا و انا نزلة.

و نزلت و نسيتهم.

و كانت دي بداية الدراما الحقيقية!!

لَمة  ظريفة في الrestaurant إحتفالاً بعيد ميلاد صاحبنا. كُله بيتكلِم و يضحك و ياكل. و دخلت ريما مِتأخر شوية. أول ما شوفتها، إفتكرت إني نسيت الحاجات “اخخخخ”. بوجه مُرحب و إبتسامة عريضة سلمت عليها زي ما بسلِم على كُل اصحبنا و عرّفتها على أختي و قولتلها “معلِش نسيت الحاجات عند باب البيت، نتفق علي ميعاد تاني اجبهوملك فيه “.

و خلال العيد ميلاد، كُل ما عينيا تيجي في بعض من أقصى اطراف الترابيزة اللي قعدين عليها، احِس إنها بتبوسلي بغتاتة و اكنها مأريفة. ماخدتش في بالي. بس لأ، في حاجة مِش مظبوطة!!

تاني يوم، خرجت مع واحدة صحبتي في مِشوار الصبح و لقيت ريما معاها.

“هاي..إزيكم” و الإبتسامة من ودني دي لودني دي. أنا كِده، بحِب اقابل الناس بسعادة زائدة!

لقيت ريما ضاربة بوظ ابن لاذينة. في إيه تاني على الصبح؟

“إنتي كويسة؟ في حاجة؟”

“إنتي غريبة اوي يا شهيرة. إمبارح نسيتي تجبيلي الحاجات اللي طلبتها من مصر و النهاردة ماجبتِهُمش”

يااا لهوي ي ي ي…

“أنا قوتلِك إمبارِح إني كنت محضراهم علي الباب و نسيتهم. و النهاردة ماكنتِش عارفة إنك جاية معانا..فين المُشكلة؟ يوم الجمعة لما تيجي الحفلة، خودي الحاجات و إلبسيها على طول عندي”

“و إفرضي ماطلعوش مقاسي؟! أعمل أنا إيه؟”

أعصابي بتنهار. أنا مِش مصدقة إني مشتركة في حوار هادِف كده

“و إفرضي إنهم ماجوش مقاسيك، إيه الفرق بين النهاردة و كمان يوميين؟ دول جايين مِن مصر، يعني مقاسهم مِش حايتغير في يوميين!!”

“أنا اصلاً متضايقة منك عشان ماجتيش عيد ميلادي”

يادي أم العيد ميلاد..هوا إحنا مِش ليسه متكلمين في الموضوع ده من شهر ولا حاجة؟

و كملِت بئيت الموشح و هيا بتلوي شفايفها للجنب وبترفع حاجب واحد بس لفوق و ينزل كل تلت كلمات كده..إيه ده؟ يا ماما..هوا في ليسه ناس بتعرف تردح اليومين دول؟ دي مِش تربية أمريكا، دي تربية حواري أمريكا على مِكس mix من حواري مصر.

أنا..أنا مصدومة. كنت فاكرة إن شُغل الحواري البلدي بِطل مِن زمان، بيظهر بس في المسلسلات المصرية و تلاقي الممثلة متقنة الردح و لِعب الحواجب و الشفايف ده عشان غالباً دا طبعها، الـ comfort zone بتاعها، مِش بتْمثل ولا حاجة!

لا لا..مِش ممكن تكون دي مهارات مُكتسبة، دي جينات معفشة حضراتكم. سواء كانت الممثلة او البت اللي واقفة قدامي دي (ايوا هيا مايتقلهاش غير بت).

دا غير طبعاً حركات ايديها المصاحبة للحاجب العجيب و الشفايف الملوية!

طب جربوا كدا تتكلموا و ترفعوا حاجب واحد لفوق و تنزلوه كل تلت ثواني قبل ما ترفعوه تاني؟ لو نجحتم، جربوا الـ Level الأعلى، ضيفوا حركة الشفايف الملوية..

هيا جينات بنت لذينة..

المهم، كملت الأمورة كلامها بالحاجب العجيب و إشارات الإيد و متنسوش الشفايف لو سمحتُم

” لما وصلتي أمريكا، أنا عاملتك إنتي و مريم و نوران بنفس الطريقة. كُلكم كنتم جداد هنا و قُلت اكون معاكم و جنبكم و إنتم ليسه جداد..”

اللي فات كوم و اللي جاي كوم تاني خالِص ..إستنوا إستنوا..القنبلة جايه..

” و لما جيت ازورك عشان ابارلِك ، إديتك ١٠٠ دولاااار هدية. زي ماديتك، إديت مريم و نوران بالظبط”

سنينك علي سنين اللي جابوكي يا….تيت ييت تيييييييييييييييت

كم كنت اتمنى أن اكون طفلة صغيرة في الظروف دي عشان انط في كرشها و اضربها لحد ما المدرس يجي يفكنا من بعض و اخري يدوني عقاب إني اكتب I will not hit anyone again مية مرة، ميتين مرة..خُمسومية مرة بس اكون فشيت غيلّي فيها.

لكن بما إننا شُحطة كبار و ماينفعش اتهور، مِسكت أعصابي (و إيدي كمان) بصعوبة شديدة و قُلتها:

“في حد مُحترم يدي هدية لحد و بعدين يقول الكلام اللي إنتي بتقوليه ده؟ مِش فاهمة، يعني إنتي إدتيني فلوس عشان اصحبِك؟”

و حاولِت تاخُد و تدي و ترغي وكالطُربشة..فِضلت تغلط و تغلط. بصراحة كنت حاسة بإحساس غريب عمري ماحسيته قبل كده، يمكن عشان عمري ما حد قالي حاجة بالسفالة دي!! فهمت يعني إيه لما حد يقول “دمي غلي”. انا بئا دمي غلي و مابئتش مصدقة اللي بسمعه. صاحبتنا المُشتركة فاقت من الصدمة هيا كمان و حاولت تهدي فينا.

سبحان مَن خلاني اتمالك اعصابي لحد ما مشيت و روحت. مشاعر متلخبطة و مِش عارفة إذا كنت إتصرفت صح بإني فِضلت مؤدبة لكن حادة في الكلام ولا كنت المفروض اتصرف تصرف تاني..تصرف اشد..اللي هوا أنا مِش عارفة إيه هوا!!

هوا في ناس كده؟في أمريكا؟ و المفروض متعلميين و إيه بئااا..متعلمين في أمريكاااا و إنجليزي محصلش و نيويورك و What’s Up و 911 و كله كله..جاتِك نيلة..صحيح، لبّس الحلوفة تبقا برضو حلوفة.

أنا آسفة والله، مِش قصدي اغلط و اقول الفاظ بذيئة بس لو حطيطوا نفسكم مكاني حتلاقوا نفسكم بتغلوا.  

و مِن ساعتها خَدت القرار؛ إني مِش حاكلمها تاني خالص.

بئت اشوفها في الخروجات و العزومات بتاعِت اصحابنا، اسلِم على كُل الناس إلا هيا..اكنها هوّا air، فعلاً هوّا.

يجي ماتش كورة لمصر و كُلنا متجمعين و مصر تكسب و كله يهيس و ينُط و البنات تحضن بعض و اجي عندها و افوتها. داخله مكان، اسلثم على كفل الناس و اجي عندها و افوتها..هــــ..وّ..ااا..هوا!

دي اقل حاجة ممكن اعملها بعد اللي قالته. مش كفاية كنت مِستحملة قرفها السنة اللي فاتت دي كُلها، اكيد مِش مطلوب مني إني استحمِل قِلة ادبها كمان؟! دا مِش جبروت مني ولا قوة. أنا لو جبارة و قوية كنت ظبتّها من الأول خالص و لما شرشحتلي كنت غسلتها ساعتها لكن أنا إكتفيت بالتجاهُل ولاوِن التجاهل ده حاجة مِش سهلة خالِص.

جوزي بعد ما عِرف اللي حصَل ماعبرهاش طبعاً هوا كمان. و أصحابنا؟ عرفوا باللي حصل من طرفها هيا، ماسبتش حد إلا لما قلتله و اللي معرِفش، شاف إني مابسلِمش عليها، فسأل و عِرف. كدا كدا الـ community صُغير و كُله بيقول لكُله.

مِاكنش سهل عليا إني اقاطع حد بس هيا اللي إضطرتني. كنت كُل مرة اشوفها فيها احس إن عايزة اهزئها. في لحظات الفراغ كنت بتخيل إني بهزئها و بالطَّش فيها. مشهد بيتكرر في دماغي كُل ما اسمع إسمها من حد او اشوفها في خروجة.  ايوا..جالي حالة نفسية تجاهها، يمكن عشان ماردتِش باللي كان نفسي اقوله يومها مِن الصدمة.. و عشان أخلاقي ماسمَحِتش بكده. فالموضوع بيطارِد أفكاري مِن حين لآخر إكمن ما بينا أصحاب مُشتركيين كتير.

فات حوالي ست شهور على الوضع او اكتر شوية و سألني بعض الأصحاب إذا ممكن يصلحونا على بعض فكان ردي “بعد اللي اتقالي؟! مقدرش”

طبعاً اي مجموعة أصحاب مِش عايزة يكون فيها ناس متخانقة. بتبقى القعدات مِش ظريفة اوي. و انا مبحبِش اكون احد الأطراف دي. بس مِش قادرة اقعد  معاها..حنقول إيه؟ مرسي إنك شرشحتيلي في الشارع على الـ ١٠٠ دولااار اللي اديتيهوملي هدية؟  ولا ممكن لو سمحتي تعلميني إزاي اتكلِم و انا بارفع حاجب واحد بس لفوق و بلوي شفتي و امصمصها و في نفس القت بردو بحرك إيدي؟ كُله في نفس الوقت Three in one move!

حنقول إيه بس. خلينا ساكتين أحسن.

و في يوم برد، كنت مخلصة شغلي متأخر، جوزي كلمني و قالي اقابله في cafe قريب من البيت متعودين نقعد فيه و نقابل فيه اصحابنا. خروجه ظريفة بعد يوم شُغل طويل واقفة فيه طول النهار على رجلي (أيام ماكنت بشتغل في محل الأدوات المنزلية)، هوا دا اللي انا محتجاه.

دخلت الكافيه و أانا بفُك الكوفيه من حوالين رقبتي و بقلَع البالطو و لقيت كُله موجود و قاعد، اللي بيشيش و اللي بيتكلم و اللي بيضحك و في وسط الناس اللي قاعدة، مادموزيل حواجب “ريما”. التصرُف الطبيعي في الموقف دا إيه؟ إني اروح اقعد جنب جوزي و اصحابي و هيا تِفضل هوّا. عادي، مش اول مرة اشوفها في خروجة. و شوية و انا بتكلِم مع حد و بشرب الكاكاو السخن بتاعي، لقيت واحِد صاحبنا جِه جنبي و شد كُرسي و قالي “أنا حاسيبكُم تتكلموا مع بعض” و لقيت ريما دخلت قعدت علي الكُرسي. بقيت الترابيزة الطويلة كُلها سكتِت و بتبُصلنا.

إيه ده؟ أخيراً جاتلي الفرصة إني أسئلها إزاي أعمل الـ Three in One Move؟!!! 

و نقلت صاحبتنا، اللي كانت حاضره الموقف ساعتها، مكانها وجت قعدت جنبنا. دي قعده متوضبة!!

صاحبنا وضب القعدة دي عشان كان عارف إن أنا و هيا حنكون موجودين. بس مِش مهِم القعدة متوضبه ولا لأ. المهم إيه اللي حيتقال دلوقتي..

بدأت ريما الكلام “أنا هنا النهاردة عشان اقولِك إني زعلانة منِك”

ياااا لهوي ي ي ي..إيه؟ مافيش دم؟.. طب مافيش مُخ؟ الرحمة يا رب..بداية زِفت

إنتي اللي زعلانة مِني؟!!”

“عشان بابا كان عيان وإنتي مسألتيش عنه و عني”

“و أنا أعرف منين إنه عيان؟ هوا إحنا بنتكلِم؟”

” our friends”

“و مين قالِك إن هما قالولي..مِش يمكن ماقالوليش؟”

حوار تافِه في ليلة ساقعة..بوظلتلي شوية المزاج اللي عملتهُم من الكاكاو

“أصل إنتي و جوزك غُراب اوي..دايماً كنتي بتعتيلي message بالمكان اللي حانخرج فيه مِن غير ماتقوليلي مين اللي جاي، مِش يمكن في ناس انا مِش عايزة اشوفها؟”

الحديث التافِه ده لازم ينتهي دلوقتي.

لأ مِش لازم ينتهي قبل ما اقول الي نفسي اقوله بقالي شهور..هيا اللي جابته لنفسها، أنا كنُت بنت ناس الفترة اللي فاتت دي كُلها..

لاقيت نفسي إنطلقت في الكلام، بهدوء لكن بصرامة . قولتها:

“كويس اوي إن إحنا كنا بنبعتلِك نقولِك على الخروجات. دا من طيبتنا. إحنا إستحملناكي السنة اللي فاتت دي كُلها. إحنا لو كُنا عاملناكي زي ما الناس التانية بتعاملِك، كنتي ماجرؤتيش تعملي و تقولي اللي بتقوليه. إحنا كنا لازم نديكي على دماغك مِن الأول عشان تتعِدلي معانا”

حاولِت ترغي و تبرر. رَسِتلها كُل اللي كان نفسي اقوله و مع كُل جملة بتتقال إبتدت تسكُت و تكِش.

جيه جوز صاحبتنا اللي قاعدنا معانا قالها يلا لازم نمشي، قالتله و هيا بصلنا و متابعة كلامنا “إستني بس شوية، القصة ليسه ما خِلصتش..روح، روح شيش تاني”

و نهيت كلامي “بوصي، عشان أنا مابحِبش أفضل متضايقة من حد و عشان بقية أصحبنا اللي مضطريين يخرجوا معانا و إحنا كدا، إنتي مالكيش عندي غير تلت جُمل في السنة..”

الترابيزة هديت و بصت كُلها لينا

“كُل سنة و إنتي طيبة في رمضان و العيد..messages. و لما اشوفك اقولِك إزيك”

كُله ساكت و بيتفرج..

و بهدوء كملت ” و ماتتوقعيش مني اتكلِم أسأل عليكي”

هيا شرشحتلي في الشارع..أنا ظبطها قدام ١٢ واحد بس!

إعتذرتلي

و لما خرجنا من الكافيه لقيتها بتحضني و بتعتذر تاني!!!

!!Oh..wow

هوااا أنا مِش كنت ليسه شايطاها (بأدب) جوه؟ أنا تخيلت إنها حتقوم تفرِش الشيفون في الكافيه.

فكرة إني أقاطع حد عن عمد دي فكرة سخيفة.

و روحت البيت لأول مرة من شهور و أنا حاسة إن في هَم و إنزاح.

الخلاصة: متصاحبوش ناس عندها القدرة على تلعيب حواجبهم و شفافيفهم و إيدهم في وقت واحد..زي مادموزيل حواجب

دول أصحاب كُلشنكان!

Exit mobile version